حذر أطباء عيون من التأثيرات السلبية للأفلام ثلاثية الأبعاد على الإنسان، وبخاصة فيما يتعلق بالصداع ونوبات الشقيقة، التي تؤثر على الرؤية والعين.
وتكمن المشكلة في أن تقنيات العرض الثلاثي الأبعاد وزحفها التدريجي إلى التلفزيونات وشاشات الكومبيوتر وصالات السينما عموما، تأتي في عصر تحول فيه الصداع إلى مرض مزمن تعاني منه المجتمعات الصناعية والفقيرة على حد السواء، فمثلا يعاني 5 في المائة من الألمان من صداع دائم، وهو ما يشكل نحو 6 ملايين إنسان، تضاف إليهم نسبة 70 في المائة ممن يعانون من نوبات منتظمة أو من صداع مزمن، و90 في المائة من هذه الحالات بسبب داء الشقيقة أو بسبب التوتر النفسي والعضلي؛ حيث تؤثر على حدة الرؤية وآلام العين المصاحبة لهذا النوع من التقدم التكنولوجي.
وهناك اختلاف بسيط لدى الكثيرين بين عضلات العينين اليسرى واليمنى، وهو اختلاف يمكن للدماغ تجاوزه، ويؤهل الإنسان للعيش بسلام من دون آلام رأس الإنسان، إلا أن الأفلام ثلاثية الأبعاد تزيد وطأة هذا الفرق على الدماغ، وتؤدي إلى حصول آلام في رأس المشاهد، ما يؤثر على الرؤية ووضوحها ويتضاعف احتمال حدوث الصداع حينما يبذل المشاهدون، المعانون من الفروق بين عضلات العينين، جهدا مضاعفا للتمتع بالصور ثلاثية الأبعاد.
عادة ما يشاهد الشخص في العين الأولى صورا بأبعاد ثلاثية بزاوية تصغر عن الزاوية التي تشاهد بها العين الأخرى، ويعمل الدماغ في مختبره على تحويل هذه المعلومات المصورة (اللقطتين) إلى صورة ثلاثية الأبعاد في العينين، إلا أن ما تصوره السينما في ثلاثة أبعاد يختلف عن حجم الصورة الحقيقية، ناهيكم عن أنه عبارة عن صور متتابعة سريعة الحركة، وهو ما يربك عمل الدماغ ويشوش صفاء الذهن.
إلى أن الفيلم الثلاثي الأبعاد يقدم للعين وهما ثلاثي الأبعاد بحجم أكبر من الحجم الذي يستوعبه الدماغ والعينين، وحينما تحاول العين الطبيعية التأقلم مع الحجم الجديد ينهمك الدماغ في عملية مضنية تتسبب في حدوث الصداع.
وفي السابق استخدمت عروض الأفلام ثلاثية الأبعاد جهازين للعرض، يعرض أحدهما صورا مخصصة للرؤية بواسطة العين اليسرى للمشاهد، ويعرض الثاني على الشاشة الصور للعين اليمنى، وحينما يضع المشاهد النظارات الخاصة بالعرض فإنه يرى فيلمين من منظارين مختلفين ومن معايير عامة مفصلة للعيون البشرية الاعتيادية، بمعنى أنها لا تراعي الفروق بين عيون الناس، وينشأ الصداع حينما تختلف معايير العرض البصري مع معايير نظر الإنسان، أو حينما يكون الفرق بين زاويتي عرض وتختلف كثيرا عن الفرق بين العينين اليسرى واليمنى.
وتستخدم دور العرض المتقدمة اليوم، وبعد غزو التقنية الرقمية، جهاز عرض واحد رقميا يدمج الصورتين المعروضتين، رغم الاختلاف بينهما، بسرعة ترادفية تبلغ 144 صورة في الثانية، وهي سرعة تفوق سرعة إدراك العين والدماغ البشريين، وتظهر الفيلم المعروض كأنه صورة واحدة ثلاثية الأبعاد، وقد ينجم الصداع هنا عن محاولة الدماغ اللحاق بالصور السريعة وتحليلها، أو عن المشاهدة من جانب القاعة؛ لأن من الظاهر أن احتمالات المعاناة من الصداع، أثناء مشاهدة العرض الثلاثي الأبعاد، تقل عندما ينظر إليها الإنسان من الوسط، وتزداد كلما ابتعد المشاهد نحو الطرفين.
و يحذر أطباء العيون من الصداع المتعلق بمشاهدة الأفلام ثلاثية الأبعاد بخاصة للأفراد الذين يعانون من مشكلات خاصة في العينين، وإذا رغب احدهم أن يشاهد العروض الثلاثية الأبعاد عليه أن يقوم باختيار مكان وسط السينما، ففي الوسط يسقط الكثير من الضوء وتجتمع الصورتان المعروضتان بشكل أفضل أمام العينين، وهذا يعني أنه لا يقع الكثير من الجهد على عين واحدة، ولا ينشغل الدماغ كثيرا في محاولة معادلة هذا الاختلال بين العينين اليسرى واليمنى، إن النظر إلى الفيلم الثلاثي الأبعاد من جانب قاعة العرض يعني أن على الدماغ أن يبذل جهدا استثنائيا لمطابقة الصورتين، القادمة من العين اليسرى والأخرى من العين اليمنى، إضافة إلى جهد آخر لوضعهما في مستوى واحد؛ حيث ينصح مشاهدو الأفلام الثلاثية الأبعاد بتناول الكثير من الماء خلال العرض، ويطالب أصحاب دور العرض بوضع استراحة أو أكثر في أثناء عرض هذه الأفلام، لاسيما لمن يعاني من مشكلات العين والصداع والغثيان.
الدكتور إياد الرياحي
استشاري طب وجراحة العيون/ المدير الطبي لمركز العيون الدولي
www.eiadeyeclinic.com
www.eiadeyeclinic.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق