الثلاثاء، 9 يوليو 2013

هل استخدام الصائم لقطرة العين مفطر؟



مع حلول الشهر الفضيل، لا ينفك كثيرون عن تكرار سؤال: هل استعمال قطرة العين في رمضان مفطر؟
وللإجابة عن هذا السؤال، لابد من توضيح الحكم الشرعي وفق ما صدر عن الفقهاء من ناحية، ومن ناحية ثانية لابد من إيضاح المسألة وشرحها طبيا وعلميا لتكون الإجابة دقيقة.


بداية، لا بد أن يعلم الصائم أن الذي يفسد الصوم، كما عرفه علماء الفقه، يندرج تحت الآتي:
- أن يصل إلى الجوف ويستقر فيه.

- أن يكون الوصول إلى الجوف من المنافذ المعتادة مثل؛ الفم والأنف، أما المسام والعين فلا تعدان من منافذ الغذاء وليس ثمة اتصال بينهما وبين المعدة، ما يعني أن استعمال القطرة في العين مباح، سواء وجد الإنسان طعمه في حلقه أم لم يجده؛ لأن العين ليست بمنفذ إلى الجوف.


وفي حالة استعمال القطرة في العين للعلاج، فإنه عندما يقوم المريض بوضع نقطة واحدة من القطرة في عينه، فإنه يلاحظ أن جزءا منها يفقد إلى الخارج بدون استفادة منه عند غلق العين، أما الجزء المتبقي في كيس (فراغ) الملتحمة، فيجد أن الجزء الأكبر منه يمتص بواسطة أنسجة العين، أما الجزء الأصغر وهو جزء يسير جدا يختلط مع الدموع فيمر خلال رحلة الدموع المعروفة ابتداء من الثقب الدمعي ثم إلى القناتين الدمعيتين العلوية والسفلية اللتين تتحدان معا فتكونان وصلة تؤدي إلى الكيس الدمعي الذي منه تمر الدموع إلى الوصلة الدمعية الأنفية التي تفتح في الميزاب السفلي من تجويف الأنف.


وجزء من هذه الدموع ينزل مع إفرازات الأنف إلى الخارج في بعض الأحيان، وجزء آخر يتجه إلى البلعوم الأنفي بسبب حركة أهداب جدار الأنف التي تتحرك حركة منتظمة إلى الخلف في اتجاه البلعوم الأنفي. ولذا يلاحظ أن جزءا صغيرا جدا لا يذكر يصل إلى البلعوم الأنفي، وهذا يفسر لماذا يشعر المريض في حلقه بطعم مميز لبعض القطرات، بسبب استثارة براعم التذوق الموجودة بالحلق والثلث الخلفي من اللسان، ويمكن توضيح هذه الظاهرة بأنها مجرد الإحساس بطعم القطرة فقط في الحلق، إذا كانت القطرة لها طعم مميز؛ فمثلا يجد أن مادة الكلورامفنينيكول سواء أكانت معدة في قطرة مستقلة، أو محضرة ضمن محتويات بعض القطرات المختلطة الأخرى، لها طعم مر وبعض القطرات الأخرى لها طعم مالح ...الخ.


ومن ناحية أخرى، وكي يطمئن الصائم ومن باب الحيطة ودفع الوسواس على المريض إذا شعر بطعم في حلقه أو نحوه أن يطرد طعم القطرة الموجود في الحلق، وإن لم يفعل ذلك فلا شيء عليه، لأن هذا مجرد طعم في الحلق ولا يصل شيء من القطرة بأي حال من الأحوال إلى المعدة.


وجدير بالذكر أن العلاج الموضعي للعين مثل؛ المراهم أو حقن تحت الملتحمة تأخذ حكم القطرة من الناحيتين الشرعية والطبية، ومن ناحية أخرى، فإن هناك أمثلة واردة في استعمال القطرات والعلاجات الموضعية للعين، بأنواعها المختلفة، في كثير من الحالات المرضية للعين منها، على سبيل المثال لا الحصر، ما يلي: حالات الجلوكوما (الماء الأزرق)، حالات التهابات العين المختلفة سواء كانت فيروسية أو بكتيرية أو فطرية أو طفيلية، حالات حساسية العين، حالات جفاف العين، علاج ما بعد العمليات الجراحية للعين...الخ. ولهذا لا نجد أي التباس في استعمال القطرات والعلاجات الموضعية في نهار رمضان، وحتى يتمكن المريض من الانتظام في استعمال العلاج بدون الشعور بأدنى حرج.


ويختلف حكم صيام المريض الذي أجريت له عملية جراحية في عينه حسب نوع العملية الجراحية التي أجريت للمريض، وإذا نظرنا إلى العمليات الجراحية للعين، نجد أنها تنقسم إلى قسمين أساسيين:


أ- العمليات الصغرى:
مثل عمليات الشعرة والكيس الدهني وإزالة حبيبات التراكوما (عملية الفصد) وعمليات الظفر واللحمية وتسليك مجرى الدموع وإزالة جسم غريب من على سطح القرنية بالنسبة للمريض الذي أجريت له عملية صغرى، فعليه بأن يصوم وليس هناك أي ضرر يقع عليه بسبب الصيام؛ لأن مثل هذه العمليات لا تؤثر مطلقا على الصيام بأي شكل.. ويحضرنا قول المولى تبارك وتعالى "... وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون" البقرة من الآية 184.
وإذا احتاج المريض إلى علاج بالفم مثل المضادات الحيوية، فيمكن أن توصف له أدوية طويلة المفعول يتعاطاها في الفترة بين المغرب والفجر أو يمكن أن يتناول المريض مثل هذه الأدوية عن طريق الحقن أثناء الصيام؛ حيث إن الحقن لا يفطر من الناحية الشرعية، كما أفتى بذلك أهل العلم، ما عدا حقن الغلوكوز؛ لأنها تعد غذاء.


ب- العمليات الكبرى:
مثل عمليات الماء الأبيض (الكتاركت) والماء الأزرق (الجلوكولما) وترقيع القرنية والانفصال الشبكي وعمليات إزالة أورام العين...إلخ. وبالنسبة للمريض الذي أجريت له عملية كبرى في عينه، فله أن يفطر، ولا حرج عليه. وهو من باب التيسير على المريض، وفق ما بين علماء الشريعة.


الدكتور إياد الرياحي
استشاري طب وجراحة العيون/ المدير الطبي لمركز العيون الدولي
www.eiadeyeclinic.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق