في الحقيقة أن هناك بعض أمراض العين تتحسن تحسنا ملموسا
بالصوم.. وهذه من حكمة الله جل وعلى ، أن جعل الصوم مفيدا لصحة الإنسان وهذا مصداق
لقوله تعالى في محكم التنزيل (وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون ) البقرة الآية
184. ويمكن أن نعطي فكرة مبسطة عن أهم الأمراض التي تتحسن بالصوم مثل الجلوكوما (الماء الأزرق) الأولية واعتلال
الشبكي الناتج عن مرض السكري
يحدث مرض الجلوجوما (الماء الأزرق) في العقد السادس من العمر
ويصيب الرجال والنساء بنفس النسبة تقريبا .
ويتميز بالعلامات المرضية الآتية: ارتفاع في ضغط العين، انكماش في المجال البصري مما يؤدي في النهاية إلى حدوث ضمور بالعصب
البصري الأمر الذي ينتج عنه كف البصر (العمى).
الحقيقة الثابتة، أنه وجد أن هذا المرض يتحسن تحسنا ملحوظا
بالصوم ولا سيما إذا حافظ المريض على صيام شهر رمضان بالإضافة إلى صوم
النافلة ويمكن تفسير ذلك، بأنه أثناء الصيام يزيد نركيز الدم أي تقل نسبة الماء
الموجودة فيه، وبالتالي يحدث انخفاض في معدل إفرازات الغدد المختلفة بالجسم. ولهذا
نجد أن زوائد الجسم الهدبي بالعين المسئولة عن إفراز السائل المائي تتأثر
(الميكانيزم) مما يؤدي إلى انخفاض معدل إفراز السائل المائي المسئول عن تنظيم حفظ
العين فسيولوجيا.
ويمكن أن نعطي فكرة مختصرة عن دورة السائل المائي، الذي يفرز
عن طريق زوائد الجسم الهدبي ويصب في الخزانة (الغرفة) الخلفية للعين ثم يمر خلال
حدقة (بؤبؤ) العين إلى الغرفة (الخزانة) الأمامية، ثم إلى زاوية الخزانة الأمامية،
ثم يسلك طريقه خلال الدروب الغربالية وقناة شليم إلى أن يصل إلى الأوعية الدموية
الموجودة على سطح الصلبة. ولكي نحافظ على بقاء ضغط العين الداخلى في المعدل
الطبيعي الذي يتراوح بين 12- 22مليمتر زئبقي ، فمن الضروري أن يحدث توازن بين معدل
إفراز السائل المائي بواسطة زاوية الجسم الهدبي ومعدل تصريفه من جهة أخرى عبر
المسالك المخصصة لذلك.
ومما سبق نجد أن الصوم يؤدي إلى انخفاض في معدل إفراز السائل
المائي وهذا بدوره يؤدي إلى انخفاض ضغط العين الداخلي، وهذا هو نفس المفعول
الذي يحدث نتيجة استعمال العقاقير المخفضة لضغط العين التي تعمل على تثبيط نشاط
زوائد الجسم الهدبي مثل عقار الدايموكس Diamox الذي يمكن إعطاؤه عن طريق الفم أو عن طريق الحقن.
اما النوع الأخرفهو الجلوكوما الحادة الاحتقانية وهذا النوع
من الجلوكوما يحدث في العقد الخامس من العمر ويصيب النساء أكثر من الرجال
بنسبة 3 : 1 كما أن الشخص العاطفي حاد الطبع عصبي المزاج يكون أكثر تعرضا
للمرض من الشخص العاطفي الذي لا يتفاعل تفاعلا خطأ مع المشكلات التي تواجه.
بالإضافة إلى أن هذا النوع يحدث بنسبة كبيرة لدى الأشخاص الذين يعانون من طول
النظر حيث تتميز عيونهم بصغر حجمها والخزانة الأمامية تكود ضحلة كل أن زاويتها
تكون ضيقة.
فالدور الذي يؤديه الصوم في مثل هذه الحالات يعتبر
أساسا دورا وقائيا إذ أن الصيام له تأثير ملحوظ في تحسين حالات ارتفاع ضغط الدم
وتصلب الشرايين والسكري مما ينتج عنه كسر سلسلة التغيرات المرضية ومنع تفاقمها في
هذه الحالات الأمر الذي يؤدي إلى تقليل حدوث المضاعفات إلى حد كبير ومن أهم هذه
المضاعفات حدوث اعتلال الشبكية الذي يؤدي إلى تدهور حدة الإبصار إلى حد العمى. أما
في حالات اعتلال الشبكية الموجود بالفعل فإن الصيام يساعد على استقرار الحالة وعدم
تفاقم حدتها وهذا يعتبر في حد ذاته عاملا مهما والجدير بالذكر أنه لا يوجد أي مرض
من أمراض العين يزيد حدوثه أو يتأخر شفاؤه أو يتفاقم حدته بسبب الصيام لأنه
طالما يستعمل المريض العلاجات الموضعية للعين الخاصة بهذه الحالات بصفة منتظمة
ليلا ونهارا ، حيث إن جميع العلاجات الموضعية للعين لا تفطر وبالتالي لا تتأثر
الحالة المرضية للعين بسبب الصيام.
ولا شك أن الحالة الفسية المطمئنة والصفاء الروحي والنفحات
الإيمانية التي يعيش فيها الصائم كل ذلك يؤدي إلى استقرار حالته النفسية والعصبية
حيث يكون الصائم أقل عرضة من غيره
للإصابة بالاضطرابات العصبية والنفسية التي تؤدي إلى حدوث الجلوكوما الحادة
الاحتقانية.. وأمراض اعتلال الشبكية الناتج عن مرض السكري وسط هذا المنطلق نستطيع أن نقول أن دور الصيام
في مثل هذه الحالات يعتبر دورا وقائيا في المقام الأول .
الدكتور إياد ألرياحي
استشاري طب وجراحة
العيون / المدير الطبي لمركز العيون الدولي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق